«أقسمت بالاسراء.. وبراءة العذراء.. الدم كله سواء.. حرام بأمر الله».
ما حدث خلال الايام الماضية سواء في «الخصوص» أو امام «الكاتدرائية» هو فضيحة بكل المعايير، ولا اجد مبررا للشرطة، التي احاول دعمها بقدر الامكان في مقالات سابقة، ولكن افرادها وقفوا بالامس مكتوفي الايدي «يتفرجون» على «البلطجية» المجهولين وهم بين «ظهرانيهم» يقذفون المتجمعين امام الكاتدرائية بالحجارة،.. وبلطجية آخرون يعتلون الاسطح ويطلقون الرصاص تجاه الشارع، ووجوههم واضحة ومكشوفة وتم تداول هذه الوجوه الكريهة على مواقع التواصل الاجتماعي.. ولكن لا حياة لمن تنادي.
أحد الاصدقاء المغرمين بالتكنولوجيا والتصوير عرض عليَّ فيديو تعريفي بـ«كاميرا» حديثة تظهر التفاصيل الدقيقة لوجوه المتظاهرين، ويوضح الشريط ان الكاميرا موضوعة في مكان عال على بعد اكثر من كيلومتر ومركزة على صورة لمشاركين في احد مهرجانات الشوارع، بمئات الآلاف حتى تبدو الصورة كلوحة لرؤوس دبابيس ملونة، ثم يتم التكبير والاقتراب بوضوح فائق حتى يملأ الشاشة وجه واحد من وسط المشاركين، ثم احدى عينيه ولونها!!
العرض كان مبهراً بالنسبة لكاتب مثلي علاقته بالتكنولوجيا، لا تختلف كثيراً عن علاقته باللغة الصينية!!، وخاصة بعد ان أكد لي الصديق أن هذه الكاميرا يمكن شراؤها من السوق، ولم تعد سراً أمنياً أو عسكرياً، وتستخدمها أغلب أجهزة الأمن حول العالم لكشف المشاركين والمندسين في المظاهرات، أي أن تعبيرات مثل: «أشخاص مجهولون» و «بلطجية مفدسون» و «طرف ثالث» و «لهو خفي»، اختفت من القواميس الأمنية في الدول المتقدمة وحتى المتأخرة! إلا عندنا في مصر المحروسة..
لا عذر لأجهزة الأمن،. ولا مفر من تحمل وزير الداخلية لمسؤولياته أو تركه لمنصبه يتولاه غيره، قبل أن يتحمل أوزاراً لا يطيق حملها ولا حسابها عندما يحين موعد الحساب، أمام القضاء العادل.. أو أمام «العادل» بذاته سبحانه وتعالى.
ماذا فعل إخوتنا المسيحيون ليحل عليهم عقاب «البلطجية»؟ هتفوا أثناء تشييع قتلاهم «يسقط.. يسقط حكم المرشد؟!» وماذا في ذلك؟ فملايين المصريين المسلمين يهتفون نفس الهتاف كل يوم!!.. صرخوا: «يانجيب حقهم يانموت زيهم»؟.. ما الخطأ في ذلك فكل المظاهرات السابقة رددت نفس الكلمات.. وللأسف لم يقتص أحد لشهداء حتى اليوم.. سوى شهداء «الألتراس» الأهلاوي!! وبأحكام لم يرضوا عنها – أو بها!!
هل هناك أي عقل أو منطق يفسر ما يحدث في مصر؟
اسألوا رجل الشارع العادي البسيط هل كان يعرف بين جيرانه وأصدقائه من المسلم ومن المسيحي؟.. هل كنا نسأل زملاءنا في الجامعة عن ديانتهم؟.. والله لم نكن نعي أن هناك اختلافا سوى في حصة «الدين» بالمدرسة، عندما يخرج بعض من زملائنا ليدرسوا «دينهم» في صف مجاور.. عندها فقط نعرف أن هناك «فارقاً» ما!
الرئيس مرسي أكد للبابا تواضروس أن الاعتداء على الكنيسة اعتداء عليه شخصيا، وأن حماية المصريين - مسلمين ومسيحيين - هي مسؤولية الدولة.
ونحن ننتظر أن يتدخل الرئيس فعلا لعقاب كل من أخطأ سواء كان مسلما أو مسيحيا،.. والأهم أن نشعر فعلا أن حماية المواطن هي مسؤولية الدولة.
أما شركاؤنا في الوطن، إخوتنا المسيحيون فأقول لهم ستبقون كما سنبقى، وسنظل نتعايش كما تعايشنا قرونا طويلة، وسنعبر جميعا بمصر إلى بر السلام.. وادعوا من قلوبكم «كيرياليسون».. ونحن سندعو «يارب ارحم».. ارحم مصر وشعب مصر مما يحاك لها ولهم.. وارحم الإسلام من بعض المسلمين.. وارحم المسيحية من بعض المسيحيين..
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.