وقت الشدة تعرف العدو من الصديق.. ولاشك أن «المحروسة» تمر بـ«شدة» ندعو الله أن يصبّر أهلها عليها حتى يخرجهم منها باذنه تعالى.
والضيق الذي تمر به مصر هو خير وسيلة لفرز المحب من المبغض، والمتعاطف من الشامت، والخائف عليها من الخائف منها!
وبقدر ما وجدت أكثر الأشقاء العرب من تدمع عيناه حزنا ويخفق قلبه وجلا لما يحدث في مصر ولمصر، بقدر ما رأيت «لمعة» فرح وشماته في عيون «بعض» الذين كنا نحسبهم أصدقاء، لكنه قدر مصر الكبيرة أن تحتوي المطرود، وتدفئ من لفظه نظام بلاده الدكتاتوري، وتسعى لحل الخلافات بين الأشقاء، ثم تقابل الطعنات بابتسامة الواثق، وسماحة الكبير، ولسان حالها يقول: أغلب الأشقاء يقدرون معنى الاخوة، والقلة الشامتة.. هداها الله.. ستعود للحضن الدافئ، عندما تنهض الشقيقة الكبرى من عثرتها فالأيام دول.. هكذا قال التاريخ.
الأخ الفاضل والداعية الكريم الأستاذ بكلية المعلمين بجامعة الملك سعود بالرياض، وخطيب مسجد «البواردي» بالعاصمة السعودية الدكتور محمد العريفي أسر الأفئدة، وألان القلوب، وحرك النفوس، وملأ المآقي بالدموع، وهو يلقي خطبته يوم الجمعة الماضي بعنوان «فضائل مصر»، فكانت كلمات صادقة خرجت من قلب محب وفي لتدخل قلوب المصريين جميعا، وبادر مصر بتحية لا تفوقها روعة سوى روعة صدق محيّا الرجل وهو يتلوها على أسماع المصلين، فاستحق منا الشكر كل الشكر، والعرفان كل العرفان لداعية مسلم – مقبول لدى الناس - وسطي، نبت جسده على أطهر أرض، وقلبه معلق بمصر المحروسة.. فشكرا شيخنا الجليل.
يقول د.محمد العريفي في بعض من خطبته العصماء: «أتحدث اليوم عن أم الدنيا مصر..
من شاهد الأرض وأقطارها
والناس انواعا واجناسا
ولم ير مصر وأهلها
فما رأى الدنيا ولا الناسا
هي أم البلاد، وموطن المجاهدين والعباد، قهرت قاهرتها الأمم، ووصلت بركاتها الى العرب والعجم، هي بلاد كريمة التربة، مؤنسة لذوي الغربة، فكم لمصر واهلها من فضائل ومزايا، وكم لها من تاريخ في الإسلام وخفايا، منذ ان وطأتها أقدام الأنبياء الطاهرين، ومشت عليها أقدام المرسلين المكرمين، والصحابة المجاهدين.
<< إذا ذكرت المصريين، ذكرت الكعبة والبيت الحرام، فإن عمر رضي الله عنه، أرسل إلى عامله في مصر ان يصنع كسوة للكعبة المشرفة، فصنعت الكسوة من عهد عمر رضي الله تعالى عنه، وظلت تصنع في مصر سنة تلو الأخرى، حتى مرّ أكثر من 1000 سنة وكسوة الكعبة ترسل من مصر إلى مكة، ولم يتوقف ذلك إلا قبل قرابة المائة سنة.
<< إذا ذكرت المصريين ذكرت الحجاج والمعتمرين، فإن البعثة الطبية المصرية كانت في الحج لسنوات طويلة ابرز ما ينفع الحجاج في علاجهم.
<< إذا ذكرت المصريين ذكرت الدفاع والجهاد والمجاهدين، فصلاح الدين أقام بمصر، وكثير من قواده منها، وأبرز المعارك مع اليهود قادها مصريون.
<< وإذا ذكرت المصريين ذكرت أمنا هاجر، وماريا القبطية، وأخوال رسولنا وأصهار نبينا».
الخطبة طويلة ولا يسعها مقال واحد، فأنصح بمشاهدتها كاملة على اليوتيوب.
.. ومرة ثالثة.. شكراً للدكتور العريفي.. ولكل شقيق يعرف قدر مصر.. وحق مصر.. ومكانة مصر.. التي لا يعرفها اليوم كثير من المصريين للأسف!.
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.