.. هل معقول أن «يتفتق» ذهن البعض عن حيلة جهنمية لتضليل الشعب فيقوم بطرح نسخ «معدلة» أو «مصوّبة» أو «مزورة» سمها ما شئت.. من دستور مصر؟!
.. هل يقبل ضميرهم ان يتم خداع الناس ودفعهم الى اتخاذ قرار بالموافقة أو الرفض بناء على «دستور» «مضروب»؟.. للأسف قبل البعض ذلك على نفسه، ربما على القاعدة الميكافيللية «الغاية تبرر الوسيلة»، وقد اكتشفت شخصيا أن هناك 3 دساتير على الأقل تختلف بعض موادها ونصوصها عندما طلبت من مركز المعلومات بالجريدة ان يطبع لي نسخة من مشروع الدستور النهائي.
لذلك كان لابد من التنبيه لمن يريد ان «يقرأ» المشروع الحقيقي ان يطبعه أو يحفظه الكترونيا من الموقع الرسمي للجمعية التأسيسية فقط.
.. الآن لابد ان «نقرأ» مشروع الدستور بأنفسنا، ونتابع بعقولنا كل ما سيثار حوله في الفضائيات وما سيكتبه المراقبون والمتابعون عنه في الصحف حتى تتشكل لدينا قناعة عقلية حقيقية تحكم تصويتنا بـ«نعم» أو «لا» على المشروع، لنحدد مستقبل أبنائنا.
وهنا لابد أن نعرف ونعترف أن الأنظمة السابقة «أورثت» مصر شعباً تتجاوز نسبة الأمية فيه %40 تقريباً، وهي نسبة مخيفة ومرعبة، ونحن هنا لا نتكلم عن أمية الكمبيوتر، أو أمية الإنترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي، بل أتحدث عن أمية عدم معرفة القراءة والكتابة أصلاً، وهذا ليس ذنب الشعب، لكنه مسؤولية الحاكم وجمعيات النفع العام والخدمة العامة والأحزاب السياسية، وغيرها، وذلك ليس موضوعنا الآن، وإن كنت أتمنى أن تشهد مصر قريباً الاحتفال بتعليم «آخر أمي» على أرضها، فعندها ستتغير أشياء كثيرة، وسنطبق تعاليم ديننا بفهم صحيح، بعد أن نلبي الأمر «اقرأ».
على أية حال فهذا العائق لا ينفي عن هذا الجزء الكبير من شعبنا إمكانية الفهم والوعي والفطنة، ومعرفة الحقيقة، وفرز الخبيث من الطيب من خلال وسائل إعلام لا تحتاج وجود القدرة على القراءة والكتابة، ويكفي هذا «الذكاء الفطري» والوطنية الصادقة ومعهما اختيار وسيلة الإعلام «الأمينة».. وتلك الأخيرة ندعو الله أن يعينهم على اكتشافها!!
وهنا يأتي دور أجهزة ووسائل الإعلام المختلفة لتلعب الدور «التوعوي» الذي غابت عنه طوال الحقب السابقة، لتناقش وتحلل وتوضح للناس آراء «فقهاء الدساتير» ورجال القانون، وممثلي النقابات والجماعات والأحزاب،.. وستكون المسؤولية كبيرة على وسائل الإعلام، وأتمنى أن يصبح «ضمير» القائمين عليها - لا مصالحهم - هو الموجّه والرقيب، وأن يتقوا الله في شعب يحبو على طريق الديموقراطية، ويعاني من ارتفاع «بشع» لنسبة الأمية.
أما مثقفونا المحترمون،.. وأعلاميونا الأفاضل،.. وفقهاء الدساتير الأجلاء،.. وقضاتنا المكرمون، فأقول لهم ليبذل كل منكم جهده، ويراعِ ضميره في مخاطبة أبناء المحروسة، فهم في أمس الحاجة اليوم إلى «نخبة» حقيقية تخاف على مصر، ولا تخاف من رئيس مصر، وترعى حقوق شعبها الطيب، ولا تضع مصالحها الخاصة نصب أعينها، وتبقى كثير من مواد الدستور تحتمل التفسير على أكثر من وجه، وتحتمل صحة وجهتي النظر، وتحسم «نوايا» المفسر اتجاه التفسير!!
ولا نملك في النهاية إلا أن ندعو الله جميعا أن يزيح عن مصر الغمة، ويكشف الكرب، ويعيد لنا «مصرنا» التي عرفناها.. ونكاد نفقدها.
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.