صحيح أن قدرة الدولة الاقتصادية أحد أهم مقومات قوتها، وأحد أهم عوامل مكانتها الدولية بين أمم العالم.
وصحيح أيضا أن وضعنا الاقتصادي «حاليا» لا يسر، وأننا نسعى لاقتراض قرابة 5 مليارات دولار لتحسين أمورنا، وسداد ديوننا، وتسيير عجلة دولتنا الخارجة من «ثورة» طازجة.
إلا ان كل ذلك لم يمنع مصر من اتخاذ مواقف لم تتخذها دول لا تعرف أين توزع فوائض ميزانياتها المتخمة، بعد ان تمول المؤامرات هنا،.. وتزرع الفتنة هناك، وتبذر الشقاق ومساوئ الاخلاق في جميع اراضي الدول «الاسلامية» الشقيقة من حولها.
والموقف الأخير الذي اتخذه الرئيس مرسي بإصدار أوامره بمساواة الطلاب السوريين بزملائهم المصريين في دفع المصاريف الدراسية، دعماً للشعب السوري الشقيق في محنته، موقف يستحق الإشادة والتقدير، ويكشف عن تحول حقيقي في عقلية التعامل مع المواقف الإنسانية.
أعرف كثيراً من الأصدقاء السوريين لديهم أبناء في الجامعات وقد بدأ العام الدراسي أو شارف على البدء ويخشون على أبنائهم مما قد يتعرضون له داخل الجامعات، واتصلوا يسألون عن أوضاع الجامعات في مصر، وإمكانية استيعابها لأبنائهم حتى تنقشع الغمة عن سورية، وكانت مسألة الرسوم التي يصل حدها الأدنى إلى 5 آلاف جنيه إسترليني والمفروضة على غير المصريين، بما فيهم العرب جميعاً هي العقبة الأساسية أمام إرسال أبنائهم إلى مصر.
وبصراحة يجب شكر «المستشار» المحترم الذي أشار على الرئيس مرسي باتخاذ مثل هذه الخطوة «الإنسانية» التي ربما تكلف مصر «اقتصادياً»، لكنها تترك أثراً كبيراً لدى شعب شقيق، ربما كان أكثر الشعوب العربية قرباً وامتزاجاً مع المصريين، وكيف لا وقد عشنا أول حالة «وحدة» عربية، حتى لو لم تستمر سوى سنوات قليلة!!
والشيء بالشيء يذكر، وعلى ذكر عودة مصر لموقعها أذكر حادثتين وقعتا خارج الأراضي المصرية الأولى الاعتداء على طبيبين مصريين في إحدى المستشفيات الحكومية بدولة الكويت، ولا علاقة بالطبع لكونهما مصريين بواقعة الاعتداء، فهي للأسف تتكرر مع الأطباء الكويتيين وغيرهم من جميع الجنسيات، ولكن اللافت كان موقف قنصل مصر في الكويت، وائل جاد الذي لم ينتظر ان يتقدم الطبيبان بشكوى للقنصلية، وإنما سارع هو للاتصال بهما والاطمئنان على صحتهما، وايفاد المسؤول عن الشؤون القانونية الى قسم الشرطة المختص لمتابعة سير التحقيقات، الأمر الذي أحدث أثراً إيجابياً كبيراً لدى الطبيبين وجميع الأطباء المصريين العاملين في الكويت.
الموقف الثاني حدث مع مأساة سفينة الصيد «كريم وعبدالله» التي استشهد اثنان من صياديها برصاص السلطات التونسية بطريق الخطأ.
فعندما اتصل مالك السفينة بوزارة الخارجية، للتدخل لسرعة الإفراج عن سفينته، كان رد مسؤول اللجنة القنصلية ان جهود السفارة تركز اولاً على عودة جثماني الشهيدين، وتوفير الأمن للمحتجزين، ولا تمثل إعادة المركب أولوية متقدمة الآن.
هل فعلاً بدأت مصر استعادة مكانها ومكانتها؟ وهل سيرفع المصري في الخارج رأسه وهو يعلم انه يشكل «أولوية» لدى سفارة بلده؟
يا ريييت!
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.

حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
@hossamfathy66