.. في مقال نشره بجريدة «الأخبار» بعنوان «الله يخرب بيوتكم» يقول الصديق العزيز، جمال حسين نائب رئيس تحرير الأخبار:
«بالامس كنت استقل مترو الانفاق من محطة المعادي متجها الى عملي كالمعتاد بوصفه افضل وسائل المواصلات حاليا في مصر على الاطلاق رغم الشيخوخة التي تسللت اليه..وعند محطة طرة توقف المترو بفعل فاعل ومرت الدقائق ثقيلة علي وعلى جميع الركاب الذين اختلفت مقاصدهم..موظفون في طريقهم الى عملهم، وعمال في طريقهم الى مصانعهم، ومرضى يقصدون المستشفيات، ومتقاضون ينشدون ساحات العدالة..علمنا ان حوالي 150 مدرسا يقفون على شريط المترو ويمنعون مرور المترو في الاتجاهين بعد رفع اسمائهم من كشوف انتخابات الشورى التي يحصلون على مقابل لها 500 جنيه يوميا..وبدأ الركاب يعبرون عن سخطهم: احدهم قال: «الله يخرب بيوتكو زي ماعطلتونا..» وآخر قال: «هي ناقصة عطلة يا اولاد الـ .....» وقال ثالث: «احنا شعب ما ينفعش فيه الا الكرباج..» وبعد حوالي نصف ساعة من توقف المترو صرخت سيدة تحمل رضيعها الذي لم يتوقف بكاؤه قائلة: «يا كفرة يا ظلمة الطفل مريض وهيعمل عملية بعد ساعة في مستشفي ابو الريش احنا ما ينفعش معانا غير أمن الدولة واخذت تصرخ حتى نجحت الشرطة في اقناع المدرسين بالابتعاد عن شريط المترو وعادت حركة المترو».
ما ذكره الصديق جمال حسين في مقاله على لسان ركاب المترو، الذين يمثلون شريحة عشوائية من قوى الشعب الكادحة هو جزء بسيط مما قيل بالتأكيد، وهو الجزء «المهذب» الذي يمكن للقلم كتابته من سباب وشتائم ضد «الثورة» والثوار، والمجلس العسكري اللي سايب مصر «سايبة»، ووزارة الداخلية.. ووزيرها.
والحقيقة أن الوضع أصبح لا يحتمل، ولخصه أستاذنا أحمد رجب بعبقريته المعتادة في ½ كلمة بقوله: «مواطن تمدد فوق قضبان السكة الحديد خط القاهرة – أسوان احتجاجاً على المغص اللي عنده، شفاه الله حتى تستأنف القطارات سيرها».
وهي مبالغة «موجعة» لكنها لا تبتعد كثيراً عن الحقيقة.
وسبق وحذرت في هذه الزاوية من الآثار السلبية المتعددة لقطع الطرق احتجاجاً على «شيء ما».
وآخر خبر كان أمس الأول عندما قطع أهالي المنصورة الطريق الدولي، احتجاجاً على اختطاف بلطجية طفلاً ومطالبتهم بفدية، ويبدو أن الأهالي يعرفون البلطجية وكذلك تعرفهم أجهزة الأمن، لكن لا حياة لمن تنادي والحل.. «اقطعوا الطريق حتى يتحرك المحافظ ومدير الأمن، ويحلا المشكلة».
المصيبة أن «قطع الطريق» تحول إلى قناعة لدى المصريين بأنه «الطريق» الوحيد إلى «قلب» المجلس العسكري - اقصد بالقلب ذلك العضو القابع في الصدر وليس أي مفهوم آخر! - وإن أي احتجاجات أخرى، بما فيها الاعتصام المحترم الذي لا يؤذي أحدا ولا يقطع طرقا، لا جدوى منها. ومهما كانت دوافع وأسباب وحقوق «قطاع الطرق» هؤلاء، إلا أن الأمر لم يعد يحتمل، ويجب أن يفهم الجميع بمن فيهم أصحاب الحقوق.. أن سياسة قطع الطريق لم تعد محتملة من أحد، وهي تسيء لهم، وتسيء لمصر كدولة، ولثورة 25 يناير، ويجب ألا تستجيب السلطات لضغوط «قطاع الطرق»، ولن يغضب أحد إذا تمت معالجة الأمر ببعض الشدة والحزم والحسم.. حتى يقضي الله أمرا.
وحمى الله مصر وشعبها من افساد المفسدين.
حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66