هل من سبيل المصادفة ان يحترق واحد من أهم الكتب التي أَرخت لمصر، والذي كنا نفخر بوجود النسخة الاصلية الوحيدة منه في 20 مجلدا «كانت» محفوظة في احد اهم مباني القاهرة القديمة «مكانة» وهو «المجمع العلمي المصري» الذي احترق، وتحول اكثر من 160 الف كتاب ومخطوطة ومرجع الى رماد تذروه رياح الغباء والجهل والكراهية لكل ما هو «أصيل» وحقيقي ويستحق أن نفخر به.
استوقفني طويلا مشهد الشباب الواعي الذي حمى رأسه من طوب «البلطجية» واقتحم النيران المتأججة، ومعه بعض رجال القوات المسلحة، ليخرجوا جنبا الى جنب حاملين الكتب لانقاذها بيد وباليد الاخرى يحمون رؤوسهم من الطوب المتطاير!
يا سبحان الله.. يا مصر.. كم فيك من متناقضات، أليس هؤلاء نفس العسكر ونفس الشباب المتقاتلين على بعد 50 مترا من مقر الحريق؟
هل يعقل ان يكون هذا الشباب الذي عرض حياته للموت، وجسده لخطر الاحتراق هو ذاته الذي اشعل النار في تراث مصر الفكري؟ أرجع لشهادة رئيس دار الكتب المصرية د.زين عبدالهادي الذي اعلن المصاب الأليم للثقافة والتاريخ المصريين باحتراق النسخة الاصلية لكتاب «وصف مصر» الذي قال حرفيا: «أحيي الجهد التطوعي الذي قام به بعض شباب الثورة، الذين انبهرت بشجاعتهم في اقتحام النيران بالتعاون مع رجال القوات المسلحة».
وفي المقابل رأينا جميعا هؤلاء الصبية بين 12 – 16 عاما، وهم يرتعون ويتمازحون، حاملين زجاجات المولوتوف المشتعلة، ليدسوها بين فرجات نوافذ المباني الحكومية، وملامحهم تشي برغبة مكبوتة في احراق كل شيء، غير عابئين بما يحرقون، ولا بمن يموتون.
وقد وصلتني معلومات مؤكدة انه تم القبض على قرابة 14 من هؤلاء، وأدلوا باعترافات فورية بانهم من اطفال الشوارع، وتم اغداق الاموال عليهم، وتزويدهم بالمخدرات والبانجو وحبوب الهلوسة مقابل القيام بما «يعشقون».. حرق مصر التي يحملون تجاهها ثأرا لا ذنب لثورة يناير فيه، فهؤلاء هم ابناء مبارك الحقيقيون الذين تركهم الرئيس المخلوع؛ ليتجاوزوا مئات الآلاف في القاهرة وحدها، ويحتاجون لحلول اجتماعية، وعلاجات نفسية مكثفة ربما يقتنعون بعدها انهم مصريون، وليسوا ابناء سِفاح لنظام غاشم، لكن هذا موضوع آخر.
مَن يمول «البلطجة» و«صناعة الدمار والترويع الجديدة في مصر؟».. هل كل اجهزة الامن بجميع انواعها فشلت – حقيقة – في معرفتهم؟!.. القاعدة الامنية البسيطة تقول: «فتش عن المستفيد».. فهل فتشتم عن «المستفيدين» وهم كثر؟!
وهذا لا يمنع محاسبة كل من ورط جيش مصر في إهراق دماء شباب مصر، وكل من أمر بتلويث الحائط الابيض الباقي لتسند مصر ظهرها عليه، ونجح في الوقيعة بين الجيش والشعب، وبين الشعب والشعب..
فهل نحلم براشد عاقل يعيد «الجيش والشعب ايد واحدة»…. قبل ان…. لا والله لا يطاوعني القلم على كتابتها.
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.

حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66


اللي حرق مصر.. كان في الأصل خواجاني..
بيخاف تاريخها اللي نايم..
يصحى له من تاني!
اللي حرق مصر نصاب ديموقراطي!
لابس ديانته عبايه..
بتغشّ ظباطي
يا مسيّحين العقول
ركب خيولها جهول
واتمكن الواطي
وكل ليله نبات
على رقصة الأموات
وبلطجة شهادات
واحده من الجامعه..
والتانيه م العاطي!
يرحم أبوك يا كلام
لو تمدح الخدّام
وتغسّل الأصنام
وترشّ «مطاطي»
يا عبد تل أبيب
تحرق وما تحرقشْ
الثوره مش هتكشّ
ماشيه على صراطي

مختار عيسى (يوميات يناير)