.. «لا كرامة لـ«طويل التيلة» في وطنه».. قالها صديق صحافي خليجي، يعشق مصر حتى النخاع، ونحن نقف في جزء من أحد مجمعات التسوق الشهيرة في قلب نيويورك، اعتقد انه «ماسيس» وكان يشير الى ركن يضم مجموعة رائعة من المناشف «الفوط» وأرواب الحمام، والبحر.. وقد كتب اسفلها لافتة بارزة تقول «صنع من قطن مصري خالص».
لا كرامة لطويل التيلة في وطنه.. كررها صديقي ثم أكمل.. زمان يا أستاذ كنا نوصي أهلنا وزملاءنا الذاهبين الى مصر بألا ينسوا ان يحضروا لنا «جلاليب» ومناشف و– عفوا – ملابس داخلية من القطن المصري، ثم للأسف تراجع مستوى الصناعات المصرية، مع تراجع اشياء كثيرة، اضافة لارتفاع مستوى الدخل في بلادنا – النفطية – فاستبدلنا بالمنتجات المصرية شبيهتها المصنوعة في بلاد العم سام واتباعه الانجليز احفاد المحتل الغاصب، وها نحن نفاجأ بأنهم يفتخرون بأن أفخم منتجاتهم القطنية مصنوعة من «القطن المصري الخالص».
استرجعت المشهد الحزين الذي مر عليه سنوات، وأنا أتابع اطلاق حملة «اشتري المصري» - وليسامحنا أبناء سيبويه واحفاد أبي الاسود الدؤلي من الاخوة المصححين لعدم حذف الياء في فعل الأمر «اشتر»، فالمقصود ان تكون بالعامية المصرية التي نعشقها رغم كل شيء – تلك الحملة الوطنية التي تفاعلت معها كل طبقات الشعب: رجال اعمال، مشترون، بائعون، صناعيون، شركات قطاع عام، وحتى المحلات الصغيرة.
ولاشك اننا احوج ما نكون اليوم للالتفاف حول كل ما هو وطني، لندعم اقتصادنا الذي اكرر انه بالفعل دخل مرحلة «الاحتضار»، ويجب ان نمنحه جميعا «قبلة الحياة»،.. وان نضخ دماء الامل في شرايينه التي تكاد تتقصف من فرط الجفاف.
وكما نناشد المواطن ان يتحلى بالوطنية، ولا مانع ان «يتعصب» تعصبا محمودا لسلع بلاده ومنتجات ارضه وناسه، فاننا ايضا يجب ان نوجه للصناعيين المصريين نداء بأن يستوعبوا الدروس الصينية والهندية والكورية والماليزية والسنغافورية والمكسيكية والبرازيلية، وحتى السورية والمغربية، فهذه الدول استطاعت ان تفرض احترام سلعها وصناعتها وايديها العاملة الماهرة، على العالم كله، ولاشك ان العامل المصري لا يقل مهارة عن ابناء هذه الدول، وقد تمكنت بعض الصناعات المصرية «القليلة» من فرض احترامها، وما نتمناه ان يستعيد المنتج المصري كله سمعته، ويسترد كرامته بين منتجات الدول الاخرى؛ وذلك لن يكون الا بالمثابرة والجهد والعمل الدؤوب والتدريب الجيد، واللجوء للتكنولوجيا الحديثة في التغليف وسياسات التسويق والبيع الحديثة، وقبل كل ذلك الصدق والمصداقية، واستبعاد سياسة الفهلوة، وهجر مبدأ «الزبون يأتي مرة واحدة وكفى»، وحتى يحدث ذلك علينا جميعا ان نتحمل ما هو موجود، ونسعى مع المنتجين لتحسينه حتى تعود لـ«طويل التيلة كرامته في وطنه».
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66
للقاهرة أن تقايض…
أرجوحة بأمة
و(بروتوكولاً) بشعب،
ولها أن تسير حافية القدمين..
دون أن تشتكي..
برودة (الموزاييك)..
في حاراتها السياحية.
ولكم أن تنتظروها..
كلما أويتم إلى الفراش،
تفتش في (الصُّرة) القديمة
عن صورة ضوئية باهتة..
من وثيقة المبايعه!
مختار عيسى (من قصيدة «مقترح أمني قد يخالف التعليمات إلا قليلا»)