إذاً لم يكن الامر بحاجة الى قرار جمهوري ولا مفاوضات ثنائية على ارض محايدة تحضرها «ماما أمريكا» وأمين عام الجمعية العامة للامم المتحدة بان كي مون.
.. كما لم نكن بحاجة الى رفع درجة الاستعداد العسكري تحسبا لـ«ضربة جوية» اسرائيلية تجهض القرار الثوري في مهده، وتجعلنا نفكر مليون مرة قبل اتخاذه.
.. ولم ترفع اجهزة المخابرات العامة والعسكرية من جاهزيتها الى الدرجة القصوى تحسبا لأن يختطف «الموساد» محافظ البحيرة او رئيس مدينة «دميتوه» في دمنهور.
.. أتحدث عن القرار الشجاع الذي اتخذه محافظ البحيرة مبروك هندي بايقاف الاحتفال بمولد «سيدهم» يعقوب ابوحصيرة تنفيذا لحكم قضائي صدر منذ سنوات، ولم ينفذ، حتى لا يزعل «أولاد العم» الذين كانوا يحضرون بالآلاف كل عام ليذبحوا الخنازير والدجاج، ويمارسوا افعالا تشمئز منها الانفس، وطقوسا تثير الضيق تتضمن شرب الخمر وممارسة الجنس، بدعوى انهم يمارسون طقوسا «دينية» احتفالا بمولد «أبوحصيرة» وجميع الاديان من ممارسي هذه الطقوس براء.
.. في ديسمبر من كل عام كانت القرية الهادئة الوديعة، القابعة في قلب محافظة البحيرة، واهلها الفلاحون البسطاء يستعيذون بالله من الشيطان الرجيم، من الهجوم اليهودي على القرية بدعوى الاحتفال بالمولد، وتنقلب القرية وكل الطرق المؤدية اليها رأسا على عقب، وتتحول الى ثكنة عسكرية ونقاط تفتيش ثابتة ومتحركة لا تمر منها النملة دون ان يتأكد «العسكر» اذا ما كانت «حامل» أم لا!!.. ويتم التضييق على حركة الناس في بيوتهم، وارزاقهم، وزوارهم اعتبارا من يوم 25 ديسمبر وحتى انتهاء «المولد» في اوائل يناير.
وتتضمن الطقوس توافد آلاف اليهود من المغرب وفرنسا وإسرائيل، وتبدأ باقامة «مزاد» للتمويل على مفتاح مقبرة أبوحصيرة، وتنطلق الشهوات لشرب الخمر وسكبها فوق الضريح، وذبح «الاضاحي» التي تتنوع بين الخنازير والخراف والدجاج، وفي الليل يكون «باربيكيو» الشواء على موسيقى وانغام هيستيرية.
وفي عام 2001 اصدر وزير الثقافة السابق فاروق حسني قرارا بضم مقبرة أبوحصيرة الى هيئة الآثار المصرية، الامر الذي حولها الى «أثر عالمي معترف به»، يسمح لكل يهود العالم بزيارته وقتما شاؤوا، الا ان العام نفسه شهد صدور حكم محكمة القضاء الاداري بالاسكندرية دائرة البحيرة بوقف قرار وزير الثقافة، وايضا وقف الاحتفالية السنوية لمولد أبوحصيرة، ولم ينفذ الحكمان رغم مرور اكثر من 10 سنوات على صدورهما حتى لا تزعل إسرائيل، التي وجدت في مقبرة أبوحصيرة «مسمار جحا» فخلال مؤتمر صحافي مشترك بين وزير الخارجية الاسبق أحمد أبوالغيط والإسرائيلي سيلفان شالوم طالب الاخير بفتح الزيارة لمقبرة أبوحصيرة، وسط دعم مالي يهودي لتوسيعها وشراء الاراضي من حولها حتى اتسعت المقبرة من 350 مترا لتصبح 840 متراً مربعاً، وقدمت حكومة تل أبيب «تبرعا» ماليا لاقامة جسر يربط قرية «دميتوه» بالطريق السريع لتيسير وصول اليهود الى «مسمارهم»!!
هكذا كنا اثناء حكم مبارك.. وشكرا للمحافظ «مبروك هندي» قيامه بواجبه وتنفيذه لحكم المحكمة وارجو ألا يتلقى اتصالا قبل 25 ديسمبر المقبل من «مسؤول كبير» يأمر بإلغاء القرار حتى لا يزعل «أبناء العم».
حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66
كام شوفنا مصر بيحرقوها غيلانها
وتقوم وتعلى فوق رماد الحريق
وأزوريس بيقطعوه في غيطانها
وإيزيس تلملم جثته.. يعود جريء
أنا كنت قلت إن الطوفان جاي بعيد
وقبل ما أخلص كلامي وصل وقف
وكأن اللي حصل ما حصل
وقوس قزح داب في النواح والعديد
سيد حجاب