هل تجرد بعض البشر من إنسانيتهم ونزعوا عنهم بشريتهم، ووصلوا إلى مرتبة أدنى بكثير من أحط الحيوانات منزلة؟
ما أن قرأت بيان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك حتى شعرت برأسي يدور والأرض تميد تحت كرسي مكتبي، وغمامة سوداء ثقيلة تهبط من سقف الغرفة لتلف كل شيء، أغمضت عيني لحظات، متمنياً أن يكون ما قرأته جزءاً من «كابوس» سأفيق منه عندما أفتح عيني، غير أن شاشة الكمبيوتر لم تتغير، وبقي الخبر قائماً، وكأنه لا يود الاختفاء قبل أن يراه العالم كله.
«العثور على جثتي طفلتين شقيقتين مصريتين 12 و13 عاماً، مقطوعتي الرأس في حفرة للصرف الصحي بمخيم (الهول) الذي يضم عشرات الآلاف من نساء وأبناء الدواعش شمال سورية».
وبحسب تقرير تلقاه مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فإن الجثتين امتلأتا بالطعنات بعد أن تعرضت الطفلتان لاغتصاب وحشي.
وحدث ذلك بعد ان قامت مجموعة من النساء المتطرفات في المخيم بمضايقة الطفلتين وأمهما بسبب «العار» الذي لحق بهن بعد تعرضهن لعنف جنسي!
ما كل هذا الإذلال.. والقسوة والوحشية؟.. وكيف نترك أطفالاً «مصريين» في هذه البؤرة النتنة الواقعة خارج نطاق الإنسانية؟
للأسف مخيم «الهول» الذي يقع شمال سورية يضم أكثر من 65 ألفا، نصفهم أطفال دون الثانية عشرة، ويشكلون عائلات مقاتلي «داعش»، وينتمون لـ 57 دولة بينها مصر، وسبق للأمم المتحدة أن ناشدت دولهم بضرورة استردادهم دون جدوى (ومن يرغب في استقبال «دواعش» صغار؟)، رفضت أغلب الدول الأوروبية استقبال مواطنيها، وكذلك فعلت الدول العربية، والنتيجة أن أكثر من 30 ألف طفل لا ذنب لهم ولا جريرة ارتكبوها يعيشون في ظروف غير آدمية، لا يتحملها بشر، ويتعرضون لأسوأ أنواع العذاب والاغتصاب دون توفير أدنى حد للرعاية الصحية، ودون الحصول على أي تعليم سوى ما تزرعه أمهاتهم «الداعشيات» في عقولهم من شر وحقد، ليكبروا ناقمين على الدنيا وساخطين على بلادهم، متحولين إلى قنابل موقوتة و«دواعش» أكثر حنقاً على العالم.
لا أملك أن أناشد العالم إنقاذ أطفال لا ذنب لهم، ولكن أستصرخ كل مسؤول مصري أن ينتشل «الأطفال المصريين الذين لا ذنب لهم من قاع حفرة الجحيم المسماة مخيم «الهول» حتى لا تتكرر مأساة الطفلتين المصريتين البريئتين، وحتى نضرب لبقية دول العالم مثلاً ربما يحتذون به وينقذون عشرات الآلاف من الملائكة من هول.. مخيم «الهول».
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.