قبل أن أتحدث الى صديقي عبدالحميد حرحش المصرفي اللامع المتخصص في إدارة الاستثمارات بأكبر بنوك كندا كانت الفكرة قد تبلورت في ذهني وهي: لماذا لا تنشئ الدولة من خلال بنوكها الرسمية (الأهلي - مصر) مبدئيا، أوعية ادخارية بمميزات خاصة لفئتين محدودتين: 1 - كبار السن ممن تخطوا الـ 60 عاما، ولديهم مدخرات نقدية ويبحثون عن «ملاذ آمن» يضعون فيه «شقا العمر» دون خوف من ضياعه أو تراجع القيمة الحقيقية لعوائده، وهؤلاء غالبا ما تكون مصادر أموالهم مكافأة نهاية خدمة في الحكومة والقطاع العام، أو بيع أصل عقاري أو ما شابه.

2 - الفئة الثانية العائدون من الخارج، بعد سنوات غربة أسفرت عن فائض نقدي مدخر، هو كل ما يملكونه، وليس لديهم معاش ثابت ويرغبون أيضا في «استثمار آمن»، وهؤلاء يمكن الطلب منهم إثبات تحويل أموالهم من الخارج بشكل شرعي الى البنوك المحلية، وقد بلغت تحويلات المصريين العاملين في الخارج عام 2020 - 2021 رقما قياسيا حسب تقرير البنك المركزي بلغ 31.4 مليار دولار أميركي.

أفلا تستحق هاتان الفئتان رعاية خاصة من الدولة ولتكن في شكل وعاء استثماري يمنح لهاتين الفئتين فقط، وبعد وضع كل الاشتراطات للتثبت من استحقاقهما، عائدا «مميزا» ومحددا بنسبة مئوية فوق سعر الفائدة المتعارف عليه والبالغ حاليا بين 9 و9.5%؟

يقول الخبير المصرفي بأكبر بنوك كندا «رويال بنك أوف كندا»، عبدالحميد حرحش إن هناك دولا عديدة في شمال أوروبا تطبق أنظمة مصرفية بنفس المضمون، وفي كندا التي يبلغ سعر الفائدة العادية فيها على الدولار الكندي نحو 2.5% يوجد وعاء استثماري آمن تماما يمنح عائدا بنحو 5% (أي ضعف الفائدة على حساب التوفير) مع ضمان وحماية أصل المبلغ المودع.

ويقترح حرحش إضافة فئات أخرى مثل أصحاب الاعمال أو كبار الموظفين في القطاع الخاص بمنحهم إعفاءات ضريبية معينة في حالة التزامهم بالادخار ووضع فوائضهم المالية في هذا الوعاء الاستثماري المضمون، بدلا من أن تجد طريقها الى خارج الأوعية الرسمية.

وإذا تمت «بلورة» هذه الافكار وتنفيذها فإن الحكومة تكون قد ضربت عدة عصافير اقتصادية وسياسية واجتماعية ووطنية بحجر واحد..

لأن هذه الأفكار لو تم تنفيذها ستقضي على ظاهرة النصابين من فئة «المستريح»، وستعيد مليارات الجنيهات الى الاقتصاد الوطني، وستزيد من السيولة لدى بنوكنا الوطنية، ونحقق الأمان والاستقلال المالي لفئة كبيرة من أهلنا كبار السن، ونوفر السيولة للمشاريع الوطنية الضخمة، ونزيد معدل ادخار الافكار ونكبح جماح التضخم بتجفيف السيولة الزائدة، وتنمية الشعور بالوطنية من خلال إحساس المواطن بأنه يملك المشروعات الوطنية مباشرة من طرق وموانئ وغيرها، وأنها تنشأ بأموال مدخراته، وجزء من عائداتها يعود اليه وبالتالي سيحافظ عليها - اللهم قد بلغت - اللهم فاشهد.

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.