الحمد لله أن الإدارة الحالية لديها قناعة بضرورة إعادة بناء الإنسان المصري، وأهمية إعادة التأكيد على ثوابت الهوية المصرية، وقد كتب فلاسفة ومفكرون كثيرون في هذه القضية المهمة والشائكة كالفيلسوف الراحل الكبير زكي نجيب محمود، والمفكر جلال أمين وما قدمته الباحثة د.نجوان عاصم في رسالة الدكتوراة التي حملت عنوان «سمات الشخصية المصرية بعد ثورة يناير 2011» والتي سأقتبس منها مدخلا لهذا المقال إذ تؤكد الدراسة: «أنه لا يمكن تحديد سمات الشخصية المصرية المعاصرة، لأنها مليئة بالمتناقضات والمتغيرات، وتتداخل في تحديد هذه السمات العديد من العوامل والظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ولا يمكن تفسير هذه السمات إلا من خلال تحليل السياق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تعيش فيه».

والمسألة ليست سهلة أو بسيطة، بل تحتاج إلى جهود جبارة وعلى أصعدة متعددة، حتى ننجح في تعديل التغيرات التي حدثت للشخصية المصرية، والتي لم تكن إيجابية في أغلبها، ولكي نصل الى مرحلة إعادة التوازن وبث الإيجابية، والكشف عن المعدن الأصيل للشخصية المصرية، وإعادة إحياء قدرتها على الانسجام مع التطورات المتلاحقة، لابد من تنفيذ مخطط سريع يعتمد على العديد من العناصر بدءا من «دمج» المحافظات الحدودية بباقي محافظات الجمهورية، والتركيز على إقامة المشاريع الاقتصادية وتطوير البنية التحتية لها، وانتهاء بتدريس مقرر في المدارس والجامعات يهتم بالأخلاق ومنظومة القيم والسلوكيات الحميدة مرورا بربط الأطفال والشباب بالموروث الثقافي والاجتماعي للشخصية المصرية عبر التاريخ، مع التركيز على الجوانب المضيئة التي تشعرهم بالفخر والعزة والاعتزاز بتاريخ أجدادهم، وتعميق الشعور بالانتماء والولاء والوطنية وتجديد الخطاب الديني بما لا يمس ثوابت الدين، والعمل على تطوير منظومة التعليم بكل درجاته، وزيادة مشاركة الشباب وتمكينه من الوظائف القيادية وعقد الدورات التدريبية وتوفير الدعم له، والتحول الى التكنولوجيا المتسارعة وافتتاح معاهد التعليم المهني والتكنولوجي المتطورة، والتنمية المستدامة.

الأمر جد خطير، وعلى درجة عالية من الأهمية، وإعادة بناء الإنسان المصري وصقل هوية الشخصية المصرية لابد ان يكونا على رأس هرم أولويات صانع القرار، ويحظيا بأهمية تتقدم على كل ما عداها من أولويات.

ولعلنا ندرك ان كل الإنجازات التي شهدتها السنوات السبع الماضية تحتاج إلى «مصري» جديد يحافظ عليها، ويصونها، وإلا ما فائدة تطوير الحجر والطرق والاقتصاد والنقل والمدن الجديدة دون إنسان متطور قادر على الحفاظ على كل هذه الإنجازات؟

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.