كركشنجي دبح كبشه.. وسبع سلاطين اسطسلطناهم من عند المستسلطنين.. وسبع لحاليح استلحلحناهم من عند المستلحلحين..

أقول كمان.. ولا كفاية؟.. لمن لا يعرف فتلك أغنية رائعة حقيقة اشتهرت في بداية السبعينيات لنجم الغناء الشعبي أحمد عدوية.. والكلمات للشاعر الراحل الكبير مأمون الشناوي، والألحان للموسيقار حسن أبوالسعود.. وللأغنية قصة حقيقية ليس هنا مجال قصّها.. لكنني تذكرتها وكيف اعتبرت وقتها نموذجاً لما وصل إليه الفن الغنائي من تدهور!!

وقبل أيام أصدرت نقابة المهن الموسيقية قرارا بالمنع من الغناء لـ 19 نجما من نجوم ما يسمى بأغاني «المهرجانات»، منهم: حمو بيكا، حسن شاكوش، كزبرة وحنجرة، حمو طيخه، وزه مطريه، شَكَلْ.. وغيرهم، وانقسم الناس في بر المحروسة «فسطاطين»، فريق يقوده نقيب الموسيقيين الفنان هاني شاكر وهؤلاء يدافعون عن القرار بأنه يحافظ على ما تبقى من كرامة للأغنية المصرية، ويحارب الإسفاف والابتذال والانحدار الذي وصلت إليه كلمات بعض أغاني «المهرجانات».

والفريق الآخر يتزعمه رجل الأعمال نجيب ساويرس ويرى ان دور نقابة الموسيقيين ليس المنع من الغناء أبداً، بل الدفاع عن أعضاء النقابة وحماية مصالحهم فقط، أما نجاح أو فشل المغني فمرجعه إلى الجمهور والمستمعين.

في بداية الأمر، وكمصري تجاوز الخمسين من عمره، تربت مسامعه على أصوات أم كلثوم وفيروز وعبدالوهاب وعبدالحليم، وعاش شبابه على وقع أغنيات نجاة ووردة ثم محمد منير وعمرو دياب وعلي الحجار، انحزت فوراً وتلقائياً إلى «فسطاط» أمير الغناء العربي ونقيب الموسيقيين هاني شاكر صاحب رائعة: (يا حبيبي وحشتني.. وعليك «وغوشتني»!).. ثم كانت عطلة نهاية الأسبوع ووجدت الوقت الكافي لمحاولة معرفة «شيء ما» عن عالم «أغاني المهرجانات» وأباطرة وسلاطين هذا العالم لأصطدم بواقع مأساوي، ملخصه أننا تركنا جيلاً كاملاً دون محاولة تقديم ما يجذبه، وانشغلنا عن فهمه، فنزل الى الواقع الافتراضي الخاص به وصنع عالماً افتراضياً قوامه برنامج «تيك توك» و«يوتيوب»، ونجومه أسماء يعرفونها هم فقط وفرق موسيقية رافضة للواقع، وكلهم يستخدمون موسيقى ومفردات لغوية هي مزيج من اليأس والإحباط والفشل والإسفاف والابتذال، للتعبير عما بداخلهم من ضياع ورفض للواقع الذي صنعناه لهم.

واكتشفت أن الأمر أكثر خطورة من قرار منع شخص من الغناء، أو الدفاع عن حرية هذا الشخص في «التجعير»!!

أؤيد هاني شاكر في ضرورة التصدي وبقوة لإفساد الذوق العام باستخدام كل أدوات القانون، وإن كان القانون قاصرا يتم تعديله.

.. وأؤيد عم نجيب في عدم تقييد الحريات واستسهال المنع.

لكن الأهم أن هذه المعركة كشفت لنا وجود «كارثة» تجذرت وتغلغلت واستفحلت، وأصبح لزاماً على الجميع دراستها والتصدي لها وتقويمها حفاظاً على كل ما هو جميل في هذا الوطن.

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.