لن أطيل عليكم في الحديث عن متاعب «مهنة البحث عن المتاعب»، والهدف ليس جلد الذات أو تصفية الحسابات، لكن الأمر جد خطير وما وصل إليه حال «إعلامنا» يحتاج إلى وقفة جادة من شيوخ المهنة وأساتذة الجامعات.. والأهم أن تتوافر الإرادة السياسية الحقيقية لإصلاح الوضع الإعلامي إصلاحاً جذرياً، والقضاء على «العشوائيات» التي ترعرعت وتوغلت وانتشرت في جميع أرجاء الساحة الإعلامية وأفرزت ما نحن فيه اليوم.
التجربة أثبتت أن هذه الإرادة السياسية عندما توافرت لمعالجة ملفات مهمة مثل تطوير شبكة الطرق والقضاء على العشوائيات ومكافحة الأمراض وغيرها فإنها حققت أهدافاً غير مسبوقة، وأعتقد أن «الإعلام» اليوم يستحق أن يحظى بمثل هذا الاهتمام.
قبل أسابيع قليلة انعقد «منتدى إعلام مصر» «EGYPT MEDIA FORUM» تحت شعار: «نحو صحافة مهنية حرة» والذي نظمه النادي الإعلامي بالمعهد الدنماركي- المصري للحوار، وشارك فيه أساتذة جامعة وصحفيون محترمون تناولوا المشهد الإعلامي المصري من زواياه المختلفة، وكان ما تناوله الأساتذة الكبار: عبدالله السناوي، ود.حسن مكاوي، وعزت إبراهيم وجمال الشاعر، وعلاء الغطريفي وجمال فهمي وضياء رشوان وغيرهم يمثل تحليلا دقيقا لوضع الإعلام والتحديات غير المسبوقة التي يواجهها، وكان أهم ما لفت نظري مقولة اتفق عليها المشاركون: «نظام الإعلام الجديد في مصر أثبت فشله، ولابد من إعادة صياغته».
وخلص المشاركون في نهاية المنتدى إلى 16 توصية أهمها: إعادة النظر في قوانين الإعلام، وأن الحريات الإعلامية شرط أساسي لصحافة جيدة تعبّر عن المجتمع وتسهم في تطوره، وإصدار تشريع لحل مشكلة مديونيات الصحف القومية وماسبيرو، ووضع رؤية اقتصادية واقعية لإدارة مؤسسات إعلام الخدمة العامة والتدريب المستمر للارتقاء بالأداء الصحفي، وإصدار قانون لحرية تداول المعلومات، واعتماد مدونة سلوك وأخلاقيات لضبط الأداء، وغير ذلك من التوصيات التي أعتقد أنها لم تتغير عند الحديث عن الإعلام في العقد الماضي كله!!
ومع كل الاحترام لكل الأسماء التي شاركت واجتهدت و«أوصت».. يظل انتشال «إعلام مصر» من عشوائيته مرتهناً بتوافر الإرادة السياسية لذلك، أقول هذا وكلي ثقة بأن القيادة السياسية ستتصدى «قريباً جداً» لإصلاح الأمر.
وعموماً كل هذه التوصيات وغيرها شملتها دراسة مهمة لليونسكو بعنوان «تطوير قطاع الإعلام في مصر» راجعها الأستاذ الدكتور المحترم حسن عماد مكاوي عام 2013!!
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.