ونحن نعيد بناء مصر، ونؤسّس بنيتها التحتية العملاقة، ونفتح الملفات التي ظلت عقودا وهي مغلقة، ونتصدى لمشكلات تركتها الإدارات المتعاقبة تتفاقم حتى استفحلت، ألا يمكننا أن نحافظ على ما تبقى من منجزات كنّا نفخر بأننا أصحاب الريادة في مجالاتها؟

كنّا الرواد في زراعة القطن طويل التيلة، وأصحاب البورصة التي تحدد سعره حول العالم، والآن نستورد منسوجاتنا القطنية من الهند وبنجلاديش!! وعندما جاء رجل الأعمال المصري ـ الأمريكي محمود وهبة ووعد بإعادة مصر على عرش القطن «طردته» البيروقراطية.. و«طارده» الفاسدون حتى أعادوه إلى نيويورك لاعناً الفساد والمفسدين.

وكنّا الرواد في صناعة الحديد والصلب، والآن نستورد من تركيا وأوروبا الشرقية ولم نحقق حتى الاكتفاء الذاتي!

واليوم يصدر الجهاز المركزي للمحاسبات تقريرا خطيرا يشكك في إمكانية استمرار شركة الحديد والصلب بسبب المديونيات «التاريخية» التي تضغط عليها، والآلات والمعدات المتهالكة، خاصة بعد أن تم رفض العرض الوحيد للتطوير والذي تقدمت به شركة «ميت بروم» الروسية، رداً على دعوة شركة الحديد والصلب الشركات العالمية لتقديم عروض لتطوير وإدارة خطوط إنتاجها ولم تتلق سوى العرض الروسي.

ولا ننسى أن الشركة القومية للأسمنت قد صدر قرار بتصفيتها في أكتوبر الماضي، وهي ما أعتبرها إحدى الشركات الاستراتيجية التي تنتج سلعة لا غنى عنها، ولا أجد أي مبرر لخسائرها سوى إفساح المجال أمام مستوردي الأسمنت!!

والآن يصرخ 7500 عامل في معقل صناعة الورق بمصر في قنا وأسوان مطالبين الحكومة «الرشيدة» بضرورة وسرعة التدخل العاجل لحماية هذه الصناعة الاستراتيجية قبل أن تلقى مصير الاسمنت والحديد والصلب، وبالرغم من ان إنتاج الشركتين يغطي 30% فقط من احتياج السوق المصري والباقي استيراد، الا ان هذه الصناعة الحيوية مُعرَّضة للتصفية ما لم تتدخل الحكومة والقيادة السياسية، وإصدار توجيهات بتنفيذ قرارات رئيس مجلس الوزراء الداعمة للصناعة والمتمثلة في خفض اسعار الغاز الطبيعي إلى 3 دولارات بدلاً من 5 للمليون وحدة حرارية، وفرض رسوم حمائية على الورق المستورد وإعفاء «مصاصة القصب» من فرض الضريبة المضافة، والتراجع عن رفع سعر المواد الخام المستخدمة في صناعة الورق.

صرخة 7500 عامل، يجب ألا تضيع في وادي البيروقراطية.

انقذوا صناعة الورق.. واعيدوا لمصر ريادتها يرحمكم الله.

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.