نهضة.. مصر (10)
- Dienstag, 8. Oktober 2019
أختتم مجموعة المقالات العشر التي حملت اسم «نهضة مصر» بالوصول إلى حقيقة لا مراء فيها ولا جدال وهي أن مصر تخوض حرباً شعواء طاحنة رصاصها الكلمات، ومدافعها الشائعات، وأساطيلها الفضائيات، وصواريخها المعلومات المفبركة، وطائراتها المقاتلة الڤيديوهات المزيفة.
والحقيقة الواضحة أيضا أن مصر لم تكن مستعدة لمثل هذه الحرب القذرة، خاصة بعد مخاض 25 يناير 2011 وتوابعه، وثورة 30 يوليو 2013 وما نجم عنها من تغييرات، وأصبحت الساحة الإعلامية مثل ساحات الأسواق الشعبية، الأشد صراخا والأعلى صوتا فيها هو من يجذب الزبون، مهما بلغت رداءة بضاعته، ناهيك عن العشوائية وغياب عمق الطرح، وافتقاد التأثير في جمهور الداخل قبل الخارج.
وبالرغم من نبل وسلامة وضرورة نظرية إنشاء الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إلا أن التطبيق لم يحقق أهداف النظرية وأصبحنا كالبطة العرجاء، لا نحن تمكنا من إنشاء قناة إخبارية عربية قوية تفرض احترامها على المشاهد العربي بمهنية ومهارة وحرفية عالية.
.. ولا نحن استطعنا إقامة قنوات بالانجليزية وغيرها تصل إلى الجمهور المستهدف فارضة وجهة نظر محترمة، ومتصدية للإشاعات والمكائد والأكاذيب التي تروجها قنوات الإفك، بل وتؤثر في عمق العدو.
.. ولا نحن طوّرنا من محتوى قنواتنا لتجذب المشاهد المصري، وتبعد جهاز تحكم قنواته عن القنوات المعادية.
خلاصة الأمر أن «الساحة الإعلامية» المصرية بحاجة ماسّة إلى «نفضة وانتفاضة» تعيد الريادة الإعلامية إلى بيتها، وتعيد الاحترام لقنواتنا، وتعيد «المشاهد» إلى شاشاتنا، خاصة وأن مصر مقبلة على معارك شرسة دفاعاً عن حقنا في «عدم العطش»، وحقنا في غاز شرق المتوسط، إضافة لاستمرار المعركة مع الإرهاب.
ملاحظة أخيرة أيضا في نطاق الإعلام.. من هو «الإعلامي» العبقري الذي حوّل سعادة المصريين بعرض الفيلم الملحمي الرائع «الممر» إلى حالة بشعة من السخط بعد أن تم «تقطيع» الفيلم بإعلانات تجاوز زمنها زمن عرض الفيلم نفسه!! وأفسدت متعة المشاهدة كما نسفت وصول الرسالة المطلوبة من مضمون الفيلم وسط «مهرجان» إعلانات «أقسم» أنها جميعاً حققت نتائج عكسية وجعلت المتلقي «يكره وينبذ» كل السلع والخدمات التي تم الإعلان عنها وسط عرض الفيلم الملحمي الرائع؟!
ما فعله «العبقري» الذي شوّه رسالة الفيلم وأفسد متعة عرضه.. هو بالضبط ما أفقد الساحة الإعلامية احترامها، وقوة تأثيرها، أضف إلى ذلك «سطحية» و«تسخيف» شخصية المراسل الحربي «إحسان» التي أعتقد أنها تحتاج إلى تفسير إذا حسنت النوايا!!.. اللهم قد بلغت.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.