نعم يا سيدي الرئيس، الطبقة الوسطى التي جرى سحقها هي عماد المجتمع، وسلامته من سلامتها، وهي الآن تحتضر وننتظر اهتمامك ورعايتك، فليس ضروريا أن نُفقر المستورين.. لنستر الفقراء!!

هناك عشرات التعريفات العلمية في علمي الاقتصاد والاجتماع للطبقة الوسطى ويمكن تبسيطها إلى أنها تلك الفئة الواقعة في وسط الهرم الاجتماعي بين القمة الثرية والسفح الفقير، واصطلح علماء الاجتماع على تقسيمها الى ثلاثة أقسام: عليا - متوسطة - دنيا.

هذه الطبقة هي الأكثر تحملاً لأعباء الإصلاح الاقتصادي، والأكثر معاناة جرّاء ارتفاع أسعار كل شيء، فلا هي تستطيع عدم الاكتراث مثل الطبقة الغنية، ولا هي قادرة على «الاستغناء» كالطبقة الفقيرة، ومع ذلك فقد تحملت طوال السنوات الخمس الماضية على أمل أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية، بمعنى أن يشعر أفرادها بمردود حقيقي ومباشر و«وقتي» لهذه الإصلاحات، صحيح أنك يا سيادة الرئيس أمرت - منذ أيام قليلة - بضرورة انعكاس تحسن الأداء الاقتصادي على جودة الخدمات واستفادة جميع الفئات من عوائد التنمية، لكن ذلك لا يلبي سقف المطالب الذي تركناه يرتفع، فأصبحت الدولة مطالبة بالعمل على «خفض» تكلفة المعيشة وهو أمر لم تنجح فيه أي حكومة على مدى الـ 50 عاما الماضية، وأدعو الله أن تتحقق «المعجزة» على يديك.

ولكي نعرف ما حدث للطبقة الوسطى، وحتى للشريحة العليا منها التي تمتلك «شيئا» كان يعينها على قسوة الحياة اقرأوا معي ما حدث لهذه السيدة.

..هي أرملة سبعينية تغربت مع زوجها أكثر من 30 عاما في دولة خليجية، وقبل أن يرحل الزوج ترك لها ما «يسترها»، منزلا من 4 طوابق في حي قاهري عريق وراق، عائد إيجار جميع وحداته لا يتعدى الـ 400 جنيه، نعم (أربعمائة) حسب الإيجار القديم - وهذا تحد آخر سنتطرق إليه - وبضع مئات من آلاف الجنيهات، في صورة شهادات استثمار تدر بضعة آلاف من الجنيهات، و«شاليه» صغيرا في قرية سياحية محترمة بالساحل الشمالي، وسيارة.

أظن هذه السيدة يمكن أن نعدها من الشريحة العليا للطبقة الوسطى، بلا نقاش، أو ربما تصعد إلى الشريحة الغنية إذا حسبنا القيمة السوقية لما تملك،.. ولكن عندما تغلق هذه السيدة الفاضلة شقتها في المنزل الذي تملكه في القاهرة وترحل لثلاثة شهور تقضيها في شاليه الساحل الشمالي، وتعود أوائل الشتاء لتجد فاتورة كهرباء الشقة المغلقة تتجاوز 2000 جنيه، نعم (ألفي جنيه) شهريا أي 6 آلاف جنية بالتمام والكمال ماذا تفعل؟ ومن أين تسددها؟.. هكذا تتحول من «مستورة» إلى «مدينة»! بسبب «الاستهبال» الحكومي؟!

والحل يكون أن تبدأ ببيع السيارة، ثم بيع الشاليه في محاولة للبقاء ضمن فئة المستورين.. ولكن هيهات، ففواتير الكهرباء والماء والضريبة العقارية تتوالى دون رحمة، والنتيجة أنها بعد أن كانت من أشد المدافعين عن 30 يونيو، والرئيس شخصيا، أصبحت عكس ذلك تماما!!

هكذا سيدي الرئيس بدأت خسائرك للمؤيدين والمدافعين، وعليك الإسراع بتكليف مستشاريك بالبحث عن حلول.. وفوراً.

أكرر.. أؤيدك وكلي ثقة فيك، ولكن «لا خير فيّ إن لم أقلها.. وكل الخير فيك عندما تسمعها».

وغدا للحديث بقية.. إن كان في العمر بقية..، وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.