العبرة ستكون في التطبيق، وأسلوب الإدارة، ومستوى الشفافية..
عن مشروع قانون لإنشاء صندوق سيادي مصري أتحدث، الذي وافق عليه مجلس النواب والذي قدمته الحكومة، برأس مال 200 مليار جنيه، ورأس ماله المصدر خمسة مليارات جنيه، يسدد منها مليار جنيه من الخزانة العامة للدولة عند التأسيس، ويسدد الباقي وفقا لخطط فرص الاستثمار المقدمة من الصندوق خلال 3 سنوات من تاريخ التأسيس.
ونص القانون على ان يكون الصندوق مملوكا للدولة بنسبة 100%، وأن يتم السماح للقطاع الخاص بالدخول كشريك في استثمار وتطوير الأصول غير المستغلة لتعظيم العائد منها، وبنسبة تحفظ حق الدولة والأجيال المقبلة في تلك الأصول.
لا شك أن فكرة إنشاء الصندوق ـ وان كانت قد جاءت متأخرة ـ إلا انها خطوة في غاية الأهمية، في سبيل تحقيق موارد تستفيد منها الأجيال المقبلة، تلك الأجيال التي حمّلناها ديوناً فوق طاقتها حتى قبل أن تولد!
مع العلم أن الفكرة ليست جديدة فهناك العديد من الدول التي أنشأت صناديق سيادية كالكويت والإمارات والسعودية وقطر والصين وسنغافورة وروسيا، وفي مقدمتها النرويج التي حلت في الصدارة في تقرير أصدره معهد «SWF»، المعني بدراسة استثمارات الحكومات والصناديق السيادية عن أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، إذ جاءت النرويج في المقدمة بعدما بلغ حجم صندوق التقاعد الحكومي (الصندوق السيادي) العام الماضي 922.11 مليار دولار.
ويأخذنا ذكر النرويج إلى موضوع الشفافية فهناك في «دولة سقف العالم» تلك يمكن لأي إنسان الدخول على موقع الصندوق السيادي والاطلاع على أدق تفاصيله، بينما تعتمد دول أخرى سياسة الأسرار العسكرية فائقة السرية في التعامل مع كل ما يتعلق بصندوقها السيادي، وأتمنى ان نتبع طريقة الشفافية المطلقة، حتى لا نكرر مأساة الصناديق الخاصة!!
وللصناديق السيادية أهمية كبرى، حيث تلجأ إليها الدول لتعظيم الاستفادة من مواردها، وتحقيق أرباح تغطي العجز في الموازنة، وتنتشل الاقتصادات من كبوتها.
المهم في هذا الأمر هو الشفافية والاستغلال الأمثل للأصول غير المستغلة للوزارات والهيئات والشركات الحكومية بطريقة تحسّن إداراتها، وتقوم بتطويرها وتهيئتها لضخ تدفقات مالية ونقدية في شرايين الاقتصاد، واستغلال الفائض من عوائد استثمار الصندوق في تغطية عجز الموازنة، والأهم تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وعلى رأسها الصحة والتعليم.
أما رسالتي للجهات المعنية والقائمة على الصندوق فهي ضرورة البدء من حيث انتهى الآخرون من خلال الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال وما حققته من إنجازات بما يصب في النهاية في تعويض السنوات التي عاشتها مصر بلا صناديق سيادية.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.