بدءا من الفيديو «العبثي» للملياردير الشهير (ح.أ) مع الراقصة اللولبية (د).. وانتهاء بتسريبات الحديث المزعوم لوزير الخارجية ونحن غارقون في طوفان من التسريبات والتسريبات المضادة في «امتحان» عسير لمنظومة القيم والأخلاق والمبادئ المصرية.. أو ما تبقى منها!!
يقول النص في دستور 2012 المادة 38: «لحياة المواطنين الخاصة حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرة المراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال ولا مراقبتها، ولا الاطلاع عليها إلا في الأحوال التي يبينها القانون، وبأمر قضائي مسبب».
كان هذا النص الدستوري الذي وضع في عهد حكم «الإخوان المسلمين» لمصر.
هذا النص تم تطويره، وتفصيله في الدستور الحالي حيث نصت المادة 57 على ان «للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية والبرقية والالكترونية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها او رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون».
.. ورغم ذلك سمحنا بفتح «الصندوق الأسود» للنشطاء السياسيين - أعلم انه اصبح تعبيرا سيئ السمعة - لفضح ما كانوا يقولونه في محادثاتهم الخاصة، ووصمهم بالعمالة والخيانة وانهم مأجورون وكاذبون، ثم استسغنا الاغتيال المعنوي لإعلامي «تجاوز» الخط الأحمر للحرية الإعلامية، فسمعنا بتسريب حديث ساخن مع سيدة، وهللنا لفيديو فاضح لمخرج شهير، وصفقنا لبث محادثات البرادعي مع الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش المصري!!
وفي المقابل سارعت قنوات «جماعة الشر» وتوابعها من مواقع إلكترونية إلى بث وإذاعة تسريبات مزعومة لمسؤولين كبار في إدارة رأس الدولة، وحوارات كان طرفها وزير في وزارة سيادية، واختلطت الحقائق بالأكاذيب، وتطبيقا للمثل القائل: «العيار اللي ميصيبش يدوش» أصبح لزاما على الحكومة والمعارضة تخصيص إدارة خاصة لـ«تكذيب التسريبات»!!
.. أعلم وتعلمون باستحالة إيقاف عمليات اختراق الخصوصية، أو تسجيل ومراقبة الحياة الشخصية وخصوصا للرموز السياسية، مع تطور أجهزة «التنصت» وتوافرها على أرصفة عواصم العالم من الصين الى لندن ومن استراليا الى أمريكا.ولكن ضرورات الأمن القومي ومكافحة الإرهاب والحفاظ على أمن البلاد ومراقبة المشتبه بهم شيء.. وتسريب أي من محتوى هذه التسجيلات والمعلومات شيء آخر ينبغي ان يواجه بمنظومة أخلاقية تعيد للبشر خصوصياتهم وللدول احترامها.. وللأجهزة حرفيتها.. وللقانون هيبته.. وللدستور شرعيته.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء