كتبت أكثر من مرة عن الدور «غير الإنساني» الذي لعبته مصر إبان فترة حكم الرئيس السابق «البريء» حسني مبارك، فيما يتعلق بما تعورف عليه تحت اسم «التعذيب بالوكالة».
حيث يمنع الدستور الامريكي استعمال التعذيب مع المتهمين، لذلك لجأت الاستخبارات الامريكية - في عهد رؤساء سابقين – الى نظام «التعذيب بالوكالة»، حيث ترسل المشتبه بهم، مع ضباطها إلى «دول صديقة» ليتم «استجوابهم» على أرض هذه الدول وبمعرفة أجهزتها، وباستخدام طرق «غير إنسانية» - باعتبار أن هناك طرق استجواب انسانية!! – وللاسف كشف التقرير «الكارثي» الذي اعدته لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الامريكي ان «مصر» في عهد «البريء» مبارك كانت احدى الوجهات الاساسية لـ«سياحة التعذيب»، حيث استقبلت عام 2005 وحده ما بين 60 – 70 «سجيناً أو متهماً أو مشتبهاً به، لتتساوى في ذلك مع دول أخرى كليبيا وسورية».
مجلة تايمز الأمريكية التي نشرت مقاطع من التقرير الذي يقع في 525 صفحة ذكرت أن مواطنين يحملون جنسيات بريطانية وكندية واسترالية وأوروبية كانوا ضمن «ضيوف» الحكومة المصرية في برنامج التعذيب بالوكالة، وأن هذا البرنامج تضمن «تقنيات استجواب متشددة تكررت طيلة أسابيع حيث صعق المتهمون بالكهرباء، وضربوا بالحوائط، وأغرقوا عرايا في مياه مثلجة، ومنعوا من النوم لفترات تصل إلى 180 ساعة».
طبعاً اضطر الرئيس الأمريكي «الطيب الوديع» باراك أوباما إلى الاعتذار والتعهد بعدم تكرار ذلك في عهده «السعيد»، مذكراً بأنه وضع حداً لهذا البرنامج عقب وصوله للبيت الأبيض في يناير 2009.
المهم أنه بمجرد الكشف عن تقرير اللجنة انهالت التهديدات علي الدول التي ساعدت أمريكا في هذا الأمر، وعلى الدول التي لم تحم المواطنين الذين يحملون جنسياتها، وطالت هذه التهديدات سفارات كل هذه الدول في مصر، بسبب الدور الذي لعبته في برنامج «التعذيب بالوكالة» إبان حكم البريء مبارك.
.. وطبعا سارعت «بعض» السفارات الغربية الى اغلاق مبانيها، او ايقاف العمل بقنصلياتها خوفا من التعرض للاعتداء، في حالة ذعر جماعي، لم تجد الأجهزة الأمنية المصرية مبررا لها، حتى ان رئيس الوزراء ووزير المالية «تمشيا» على الأقدام في حي «جاردن سيتي» الذي يضم العديد من السفارات، ليثبتا أن الوضع آمن، ومع ذلك أصرت السفارات على الإغلاق!!
.. للأسف ستدفع السياحة الى مصر ثمن «الحرص» الزائد للدول التي تم تهديدها، وستخسر مصر دخلا «محترما» بسبب إلغاء حجوزات السائحين في عطلتي الكريسماس والعام الجديد، وستتعطل مصالح المصريين المرتبطة بقنصليات هذه الدول.
وكل ذلك ثمن لـ«تعاون» «البريء مبارك» مع السادة الأمريكان.. وحسبنا الله ونعم الوكيل..
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.