حالة من الضيق والإحساس بعدم اهتمام الدولة، يعيشها المصريون في الخارج بسبب «التخبط» في سياسة طرح شهادات استثمار قناة السويس، والتركيز على البيع داخل الحدود الجغرافية لمصر، دون أي إعداد لإشراك المصريين في الخارج، ومنحهم «شرف» المساهمة في هذا المشروع الوطني.
الاستياء والضيق من «الإهمال» كان محور أحاديث المصريين في دول الخليج كلها، عدا الامارات التي سارع السفير شريف البديوي القنصل العام لمصر لدى دبي والإمارات الشمالية بإطلاق حملة ترويجية على مستوى منتديات وتجمعات ونوادي الجالية المصرية في الامارات، توضح تفاصيل كيفية شراء شهادات استثمار قناة السويس عن طريق فروع البنوك المصرية هناك.
أما بقية دول مجلس التعاون الخليجي: الكويت – السعودية – قطر – عمان – البحرين، وكذلك دول المهجر: أمريكا وكندا واستراليا وغيرها، فلم يتحرك مسؤول واحد في السفارات أو مكاتب التمثيل التجاري أو القنصليات ليشرح لأبناء «البطة السوداء» من «الرعايا» المصريين في هذه الدول كيف يتعاملون مع طرح الشهادات للبيع، وكيف يسهمون في شرائها، وعلى الرغم من تصريحات المسؤولين في مصر - وعلى رأسهم محافظ البنك المركزي هشام رامز - بأن المصريين في الخارج يستطيعون شراء الشهادات وأنها «ستصبح» متاحة لهم، وأنه «سيتم» «ضخ» كميات كبيرة إلى حيث تجمعاتهم،.. إلا أن الوضع الفعلي كان دون ذلك.. كيف؟
أولاً: اصطدم الموضوع بقواعد مصرفية تقضي بضرورة استئذان شركات الصرافة أو فروع البنوك من البنوك المركزية في هذه الدول للحصول على قرار يقضي ببيعها شهادات تصدرها هيئة قناة السويس المصرية، وهو أمر يحتاج لوقت ومكاتبات، وطبعاً لم يحدث «تنسيق مسبق» وبالتالي لم تستطع البنوك الخليجية أو شركات الصرافة الكبرى، وكلاء البنوك المصرية، بيع الشهادات للمصريين مباشرة..،
ثانيا: لم يتم اي اتصال مع سفاراتنا او قنصلياتنا او مكاتب التمثيل التجاري لشرح الامر للجاليات في الخارج وبالتالي – عدا الامارات – لم نسمع صوت مسؤول واحد في هذه الاماكن التي يفترض انها تهتم بنجاح التسويق لبيع الشهادات وإتمام تمويل المشروع القومي من ناحية، كما انها هي «الصلة» المباشرة بين المغتربين والدولة، من ناحية أخرى.. فمن المسؤول؟ البنك المركزي ام وزارة الخارجية.. أم كلاهما؟.
ثالثا: بنكا مصر والاهلي لديهما فروع مباشرة فقط في: الإمارات وفرنسا ولبنان والسودان، أما «مراسلوهم» من شركات صرافة وبنوك فلم يتمكنوا من «المشاركة» في بيع الشهادات مباشرة، واكتفوا بالمشاركة عبر «اعتماد خطاب من العميل برغبته في الشراء خصما من حسابه في البنوك المصرية التي يمثلونها، او فتح حساب جديد لمن ليس لديه حساب، وتحويل أموال اليه، ثم ارسال الخطاب المعتمد برغبة العميل في الشراء!!.
وهي طريقة «عقيمة».. وغير عملية.. وأتحدى محافظ البنك المركزي ان يعلن ارقام الشراء الذي تم بهذه الطريقة للمصريين في السعودية (اكثر من 1.5 مليون) وفي الكويت (أكثر من نصف مليون).
رابعا: بقدر سعادة المصريين في الخارج بنجاح تغطية شراء الشهادات والإقبال عليه، داخل وطنهم مصر، بقدر حزنهم على استمرار تعامل أجهزة الدولة معهم على أنهم «مواطنون من الدرجة الثانية»، فيخرج مسؤول مصرفي بارز ليقول انه «يتم بحث آلية تمكن المصريين في الخارج من الشراء»!!
ولماذا يا سيادة الاقتصادي «الجهبز» لم يتم بحث هذه الآلية وإقرارها.. «قبل» طرح الشهادات؟
يا سادة.. المصريون في الخارج، لا يقلون وطنية عن أشقائهم في الداخل، ويزيدون عليهم حنينهم الدائم لرائحة تراب المحروسة، فتوقفوا عن معاملتهم «كمواطن احتياطي» تلجأ إليه الدولة «إذا لزم الأمر»!!.
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.