أعجب لوجوه ألفتها الشاشات وأغوتها الكاميرات، ولم يألفها الناس، وجوه لسياسيين وإعلاميين ونشطاء وخبراء ومحللين ودكاترة وأساتذة، وحده علّام الغيوب يعلم من أعطاهم ألقابهم، ومن منحهم شهاداتهم، ومن نقلهم من خانة «الصيع» المتنطعين إلى مربع «الباحثين» عن ماذا.. أيضاً وحده يعلم علام الغيوب!!
لا أعرف توصيفاً علمياً لحالة «الانجذاب» إلى برامج «التوك شو» ظهوراً أو تعليقاً أو مداخلة، لكنها تتحول إلى ظاهرة حتى أن بعض «المنجذبين» أصبحوا يقضون جل يومهم بين طرقات الاستديوهات ومعظم أيامهم جلوساً أمام الكاميرات، بعد أن تدربوا جيداً على رسم الابتسامة عندما يكون الحوار متفائلا،.. ويضعون قناع «الجبهة المقضبة» إذا كان اللقاء مأساوياً، أو «الوش الخشب» عند اللزوم.
صديق عزيز مسؤول عن إعداد أحد برامج «التوك شو» المهمة، وصحفي شهير، أكد لي في معرض تحليله للظاهرة: «ان المعد الشاطر يبحث دائما عن الضيف (اللي يخلص ويفهمها وهي طايره) ويعرف قواعد اللعبة جيدا، والخطوط الحمراء لكل قناة.. وكل برنامج.. وحتى كل مذيع ومذيعة، وأقسم أن بعض هؤلاء الضيوف «المحترفين» يسأل المعد عن الموضوع، ثم يتطرق الى المقابل المادي، ويستفسر عن مستوى «الحرارة» المطلوبة، او على حد تعبيره «يعلى» لغاية إيه!
.. وللأسف الشديد أصبحنا ننجذب.. و«نتسمر» أمام الشاشات المتنوعة، والبرامج المتنافسة، دون أن يدري «أغلبنا» أن لكل «شاشة» مالكاً، ولكل مالك مصالح.. ينبغي ويجب وبالضرورة.. ألا يمسسها محتوى البرنامج، وألا يقربها الضيف أيا كان،.. كما أن هذه «المصالح» لها من يحميها، وهذا الذي يحميها لا بد من «ترضيته» وعدم اغضابه عن طريق برنامج مشاغب، او ضيف صريح، او معد – لا سمح الله – مش فاهم قواعد اللعبة!
وبين مصالح صاحب القناة، وقواعد اللعبة، يضيع المشاهد أمام آراء الخبراء والمعلقين والمعقبين والناشطين، في مولد.. صاحبه غايب (حتى الآن)!.
للأسف أسلمنا عقولنا وآراءنا ووجهات نظرنا لوسائل الإعلام سواء شاشات فضائية، أو مواقع إلكترونية، تشكل عقول البسطاء في دولة تتجاوز الأمية فيها %40، نستغرب ونشكو مما وصلنا إليه، في غياب أي دور مؤثر أو فاعل لأجهزة إعلام الدولة.
عموماً الأمل كبير في الرئيس القادم سواء كان السيسي أو حمدين.. أو سعادة المستشار مرتضى!!
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء